وش اللي يخلي أي شغلة تستحق النظر؟
تعرف يوم تشوف شغلة وتوقف تقول: وش اللي مخليها مميزة؟ هل هو شكلها، فكرتها، ولا إحساسها اللي وصل؟ دايم يجي ببالي هالسؤال: وش اللي يجعل أي عمل يستحق إننا نوقف عنده ونتأمل؟ بهالمقال، بنسولف عن الشغف، عن القصة اللي ورا العمل، وعن الأشياء اللي ما تبان من أول نظرة لكنها تخليك تحس إن العمل فيه روح
٧ دقائق
مدة القراءة
فلسفة
التصنيف
الجوهر مقابل السطح
كثير من الأعمال ننجذب لها للوهلة الأولى بسبب جمالها الخارجي: لوحة بألوان نابضة، رواية بغلاف آسر، أو حتى مبنى هندسي مبهر. لكن هل هذا كافٍ؟
خذ مثال لوحة "الصرخة" لإدفارد مونك. اللوحة بحد ذاتها بسيطة، لكن ما يجعلها خالدة هو الشعور الذي تثيره. القلق، الصراع الداخلي، الصوت غير المسموع الذي نصرخ به في أعمق لحظات ضعفنا. الجوهر هنا يتجاوز السطح. عندما ترى العمل، تشعر وكأنه يهمس لك شيئًا عن نفسك، عن مخاوفك، عن الحياة التي نعيشها جميعًا.
إذاً، القيمة الحقيقية لأي عمل ليست فقط في كيف يبدو، بل في كيف يُشعرك، وفي الفكرة التي يزرعها داخلك.
الشغف كوقود للعمل
العمل الذي يحمل شغف صاحبه غالبًا ما يستحق النظر. الشغف يترك بصمة لا تُمحى. تخيل مخترعًا صغيرًا في قريته، مثل توماس إديسون عندما كان طفلاً، يجرب ويفشل مئات المرات ليضيء ظلام العالم. ما الذي جعل عمله يستحق كل تلك المحاولات؟
ليس لأنه أضاء غرفة، بل لأنه كان مليئًا بشغف الإضاءة. إديسون لم يبحث عن الضوء فقط، بل كان يبحث عن التغيير، عن فكرة أن العالم يمكن أن يكون أقل ظلامًا بقليل بسبب شيء صنعه.
في حياتنا اليومية، هل نفكر بهذا الشكل؟ هل ما نفعله يوميًا مليء بالشغف أم مجرد محاولات لإكمال يوم آخر؟
العلاقة بين العمل والإنسان
هناك فكرة في الفلسفة تقول: "الإنسان يعكس عمله". بمعنى، العمل الذي يُظهر للناس شيئًا عنك، عن قيمك ومعتقداتك، هو عمل يستحق النظر.
خذ مثالًا من الأدب: دوستويفسكي في روايته "الجريمة والعقاب". لماذا لا تزال هذه الرواية ملهمة؟ لأن كل جملة فيها تعكس صراع دوستويفسكي الداخلي: بين الخير والشر، بين الإيمان والشك. الرواية ليست فقط عن "جريمة"؛ هي مرآة لنفس الإنسان، لصراعاته.
في الحياة اليومية، الأعمال التي تعكس جزءًا من أرواحنا تكون دائمًا أقرب للقلب. مثل كوب قهوة تحضره بعناية لشخص تحبه: القهوة هنا ليست مجرد مشروب، هي رسالة حب.
القصة وراء العمل
كل عمل يستحق النظر لأن وراءه قصة. القصة هي التي تضيف له روحًا. لنأخذ مثالًا من العمارة: برج إيفل. كثيرون يرونه مجرد بناء معدني، لكنه في الحقيقة قصة عن التحدي، عن الابتكار، وعن كسر التوقعات. عندما بني البرج، عارضه معظم الناس، واعتبروه قبيحًا ومجرد كتلة معدنية. اليوم، هو رمز للجمال والابتكار، لأن القصة التي يحكيها أصبحت أكبر من مادته.
في أعمالك اليومية، ما هي القصة التي تحكيها؟ هل يمكن أن تكون عملك البسيط اليومي بداية قصة أكبر؟
في النهاية، السؤال الحقيقي هو: هل ما تفعله اليوم يترك أثرًا فيك وفي غيرك؟ ليس بالضرورة أن يكون أثرًا عظيمًا أو عالميًا، بل أثرًا بسيطًا، مثل ابتسامة شخص، أو شعور سلام داخلي تشعر به بعد إنجازك.
أكتب هذه المدونة، وأتساءل: ما الذي يجعلني أرى كتابتي هنا تستحق النظر؟ ربما لأنها تعكس جزءًا مني، وربما لأنها تحاول أن تلمس فيك شيئًا مشابهًا.
سواليف ثانية